تحديد
المصطلحات
فقه
اللغة + علم اللغة
فهد
بن عبد العزيز العبده
أولاً
: تحديد المصطلحات :
هناك
عدة مصطلحات ومفاهيم في الدراسات اللغوية ، والعلماء يختلفون في تحديد تلك
المصطلحات ، ومن الخير تحديدها أولاً ، حتى
يكون الدارس على بينةٍ منها :
1)
اللغة : أصل المادة ،
لغا يلغو لغواً : تكلم .. واللغة : اللسن وهي فعلة من لغوت أي تكلمت أصلها لُغْوة
ككرة وقلة وثبة كلها لاماتها واوات .(1)
وفي الاصطلاح فيعرفُها ابن جني بأنها :
" أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " (2)
وبعض المحدثين يعرفها بالتعريف
الاجتماعي فيقول " نظام من رموز ملفوظة عرفية ، بواسطها يتعاون ويتعامل أعضاء
المجموعة الاجتماعية المعينة " .(3)
ولكن هذه النظرة تغيرت وقد تحدث الدكتور
محمود السعران في فصل قيم من كتابه " اللغة والمجتمع ، رأي ومنهج " عن
وظيفة اللغة ، وناقش المسألة حيث يقول إن الدراسات اللغوية قامت على فروع من
الفلسفة وعلم النفس .. وخلاصة ما أدت هذه الدراسات أنها تعتبر اللغة وسيلة للتعبير
عن الأفكار والعواطف والرغبات إلخ .. وبعد ذلك يقف الدكتور السعران موقف الرافض
لهذا التعريف إذ يقول " لكن هل اعتبار اللغة وسيلة من وسائل التوصيل يجوز أن
يعد تعريفاً صادقاً " (4).
وانتهى إلى فكرته التي تقول إن وظيفة اللغة هي أنها حلقة في سلسلة النشاط الإنساني
المنتظم ، هي جزء من السلوك الإنساني وليس أداة عاكسة للفكر .. ويضرب أمثلة من ذلك
لغة الصلاة ولغة التأديب والكلام الانفرادي .(5)
*
فقه اللغة وعلم اللغة :
أولاً
: التعريف اللغوي للمصطلحين :
كلمة
فقه جاءت في لسان العرب بمعنى العلم ، يقول ابن منظور " الفقه : العلم بالشيء
والفهم له ، وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم "
. (1)
وجاء في المعجم الوسيط " فَقِهَ
الأمِرَ – فَقَهاً وفِقْهاً : أحسن إدراكه ، يقال فقه عنه الكلام ونحوه : فَهِمَهُ
فهو فَقِهٌ " . (2) وكلمة
" علم " أتت بمعنى فقه ، ففي لسان العرب " وعلمت الشيء أعلمه علماً
عرفته ، قال ابن بري : وتقول علم وفقه أي تعلم وتفقه " . (3)
إذاً ، من خلال ما سبق تبين أن التعريف
اللغوي للمصطلحين بمعنى واحد ، وأنهما يتقارضان وينوب أحدهما عن الآخر .
ثانياً
: التعريف الاصطلاحي للمصطلحين :
وهذا التعريف يشمل القديم والحديث ، فأبدأ
بالقديم .
" فقه اللغة " و " علم
اللغة " في القديم بمعنى واحد ، فالقدماء لم يفرقوا بين فقه اللغة وعلم اللغة
، فهذا أبو الحسين أحمد بن فارس صنف مؤلفه " الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها " وناقش
فيه قضايا لغوية مختلفة " .
وهذا جلال الدين السيوطي ، سمى مؤلفه
الحافل بالأبحاث اللغوية له ولمن سبقه : ( المزهر في علوم اللغة وأنواعها ) .
غير أن هناك كتباً لعلمائنا العرب ، لم
تحمل أي مصطلح من " فقه اللغة وعلم اللغة " من مثل كتب الخليل وكتاب ابن
جني الخصائص وكتابه الآخر " سر صناعة الإعراب " وغيرها وهي في صميم فقه
اللغة . (4)
ثالثاً
: فقه اللغة وعلم اللغة في الحديث :
المحدثون يختلفون في نظرتهم إلى هذا
المصطلح ، فهناك فريق تأثر بالدراسات العربية القديمة ، فجاءت نظرته متأثرة
بنظرتهم التي لا تفرق بين فقه اللغة وعلم اللغة ، ومنهم :
1) علي عبد الواحد وافي ، يقول في
مقدمته لكتابه فقه اللغة : " فقد عرضنا في كتابنا (علم اللغة) لدراسة
النواميس العامة التي تسير عليها اللغات الإنسانية في نشأتها ، وانتقالها من السلف
إلى الخلف ... ثم يقول " سندرس في هذا الكتاب .. فصيلة خاصة من اللغات السامية
وهي فصيلة " اللغات السامية مفصلين بعض التفصيل في لغة منها ، وهي اللغة
العربية .... فمؤلفنا هذا في منزلة الجزء الثاني من كتابنا " علم اللغة
" . (1)
مما تقدم يتبين أن الدكتور وافي يجعل
" فقه اللغة " و " علم اللغة " شيئاً واحداً مع اختصاص فقه
اللغة بالعربية وحدها .
2) الأستاذ محمد المبارك ، له كتاب
بعنوان " فقه اللغة : دراسة تحليلية مقارنة للكلمة المقارنة" ، يسوي فيه
بين علم اللغة وفقه اللغة إذ يقول " إن علم بهذا المفهوم الذي بسطناه والذي
آل إليه الأمر في تطور البحث اللغوي نرى أن تطلق عليه أحد الاسمين : علم اللغة أو
فقه اللغة ، وكلامها يفيد المقصود " . (2)
3) الدكتور صبحي الصالح ، لا يفرق بين
فقه اللغة وعلم اللغة في كتابه ( دراسات في فقه اللغة ) ، إذ يقول : " من
العسير تحديد الفروق الدقيقة بين علم اللغة وفقه اللغة ، لأن جل مباحثهما متداخل
لدى طائفة من العلماء في الشرق والغرب " ثم يقول " وإذا التمسنا التفرقة
بين هذين الضربين من ضروب الدراسة اللغوية ، من خلال التسميتين المختلفتين اللتين
تطلقان عليهما ، وجدناها تافهة لا وزن لها " . (3)
ثم يقرر فكرته بقوله " وإنه ليحلو
لنا أن نقترح على الباحثين المعاصرين ألا يستبدلوا بهذه التسمية القديمة –يقصد فقه
اللغة- شيئًا ، وأن يعمموها على جميع البحوث اللغوية ؛ لأن كل علم لشيءٍ فهو فقه ،
فما أجدر هذه الدراسات أن تسمى فقهًا"(4)
4)
الدكتور محمد أحمد أبو الفرج يقول في مقدمة كتابه "مقدمة لدراسة فقه
اللغة" {000ووضحت أن منهم من يسوي بين المصطلحين وهم الأكثرية ، ومنهم من
يوجب الفصل بينهما ، وانتهيت إلى التسوية بينهما معتبرًا في ذلك مصلحة الدراسة
اللغوية في عالمنا العربي00}([1])
ب)
وفريق آخر تأثر بالدراسات اللغوية الغربية ،فجاءت نظرته شاملة لما هو موجود في
الدراسات الغربية ، ومنهم:
1)
محمود السعران ، إذ قدم تعريفًا دقيقًا لعلم اللغة بقوله:"علم الللغة هو
العلم الذي يتخذ من اللغة موضوعًا له"
ويقول
في كتابه "علم اللغة مقدمة للقارئ العربي"(اللغة التي يدرسها علم اللغة
ليست الفرنسية أو الأنجليزية أو العربية ليست لغة معينة من اللغات إنما هي اللغة
التي تظهر وتتحقق في أشكال لغات كثيرة ولهجات متعددة وصور مختلفة من صور الكلام
الإنساني)
2)
عبد راجحي في كتابه "
فقه اللغة في الكتب العربية" بعدما قدم الحديث في حدود "فقه اللغة وعلم
اللغة يقول بعد ذلك ( ومهما يكن من أمر فإن تطور علم اللغة في هذا القرن – على
اختلاف مناهجه ومدارسه- قد ساعد على التميز الواضح بينه وبين فقه اللغة وهذا ما
نرمي إليه في هذا الفصل([2]))
3)
محمود فهمي حجازي في
كتابه "المدخل إلى علم اللغة" يفرق بين علم اللغة وفقه اللغة ، فيقول :(
ويختلف علم اللغة بمعناه الحديث عن علم الفيلولوجي)([3])
No comments:
Post a Comment